الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته … وبعد
فضلاً منكِ قبل أن تقرئى هذه الرسالة ، كوني على يقين من أننا كلنا ننسى ونُخطئ ، ولكن ليس من الحكمة أن تحزني إذا ذكَّر بعضنا بعضاً ، فهل يضايقكِ أن تعيريني قلبكِ المطمئن وعقلكِ الفاهم دقائق لقراءة هذه الرسالة ؛ عسى أن تجدى في النهاية ما تبحثين عنه!!!
بداية: أختي الفاضلة إن المصارحة قد تكون مُرَّة الطعمِ ؛ لكن نتائجها محمودة وقد ذُقنا شُؤم دفن الأخطاء باسم المجاملة ، فآمل أن يتسع صدركِ لسماع ما أقول.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :' كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ، فقالوا يا رسول الله : ومن يأبى ؟ قال : من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى '(البخاري).
وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم : 'سيكون في آخر أمتي نساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ ، علي رُؤُسُهنِّ كأسنمةِ البُختِ ، العنوهُنَّ فإنهن الملعونات' (صحيح) ومعنى كاسيات عاريات أي كاسيات في الصورة ، عاريات في الحقيقة ؛ لأنهن يلبسن ملابس لا تستر جسداً ولا تخفي عورة ، فالغرض من اللباس الستر فإذا لم يستر اللباس كان صاحبه عارياًَ. وهذا ينطبق تماماً على كل الملابس الضيقة والمفتوحة. ومعنى على رؤسهن كأسنمة البخت: أي يصففن شعورهن من فوق رؤسهن حتى تصبح مثل سنام الجمل .
وقال الله تعالى : 'يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يُؤذَين' وهذا أمر صريح من الله تعالى بالحجاب وأتى في صورة أمر إلى النبي لأهميته ، فلو لم يكن الحجاب الشرعي أو الزي الإسلامي ذا أهمية كبيرة -كما يظن البعض - فهل يأمر به الله على هذا الشكل؟ وإذا كان الظاهر غير مهم فهل يأمرنا ربنا بأشياء غير ضرورية ؟!!
فمن هذا المنطلق نبُيِّن لكم بعض الأحكام التي تُبَصِّرُكِ بمظاهر التبرج ؛ فاجتنبيها:
أولاً : حكم لبس المرأة البنطلون :
قد أفتت دار الإفتاء المصرية بما يلي :
' لبس المرأة للبنطلون الضيق المُفصِّل لجسدها حرام شرعاً وأن عقوبة التبرج والسفور في الآخرة عقوبة شديدة مثل عقوبة تارك الصلاة أو الزكاة ؛ لأن الحجاب واجب شرعي ، والتبرج والسفور من الكبائر المحرمة شرعاً إذْ أنهما يؤديان إلى انتشار الفساد والفاحشة.'
وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ' لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم : الرجلَ يلبسُ لِبْسَةَ المرأةِ ، والمرأةَ تلبس لِبْسَة الرجل' رواه أبو داود بإسناد صحيح ، وصححه الألباني .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' ثلاثٌ لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق والديه ، والمرأة المُتَرَجِّلة المتشبهة بالرجال ، والدَيُّوث ' (الحديث صحيح)
ثانياًُ : حكم المرأة التي تخرج متعطرة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' أيما امرأة استعطرت ثم خرجت ، فمرت على قوم ليجدوا ريحها ؛ فهي زانية' رواه أبو داود ، و النسائي .
ثالثاً : حكم المرأة التي ترقق حواجبها :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' لعن الله الواشمات ، والمُستوشمات ، والنامصات ،والمُتنمصات ، والمُتفلجات للحسن ، المغيرات خلق الله' متفق عليه . والنامصة : هي من ترقق الحاجبين للنساء ، والمتنمصة: هي من يتم ترقيق حواجبها .
رابعاً : تبرج المرأة بصوتها أو مشيتها :
قال تعالى : 'يا نساء النبي لستُنَّ كأحد من النساء إن اتقيتُنَّ فلا تخضعنَ بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ،وقلن قولاً معروفاً' الأحزاب 32 . ولا تخضعن بالقول: أي لا تُلن القول ،ولا يكن في صوتكن ميوعة الأنوثة عندما تخاطبن الرجال .
وقال تعالى : 'ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن' وذهب ابن كثير، إلى أن المرأة منهية عن كل شئ يلفت النظر إليها أو يحرك شهوة الرجال نحوها .
خامساً : التبرج المُقَنَّع :
فقد رأى أعداء الصحوة الإسلامية أن يتعاملوا مع الحجاب الشرعي بطريقة خبيثة ؛ فراحوا يروجون صوراً متنوعة من الحجاب على أنها حل وسط ترضي المحجبة به ربـها – زعموا!!! - وفي نفس الوقت تساير مجتمعها، وتحافظ على أناقتها .
وكانت بيوت الأزياء قد أشفقت من بوار تجارتها؛ بسبب انتشار الحجاب الشرعي، فمن ثَمّ أغرقت الأسواق بنماذج ممسوخةٍ من التبرج تحت اسم (الحجاب العصري) وأحرجت ظاهرة الحجاب الشرعي طائفة من المتبرجات اللائى هرولن نحو (الحل الوسط) ؛ تخلصاً من الحرج الاجتماعي الضاغط، الذي سببه انتشار الحجاب الشرعي ،وبمرور الوقت تفشت ظاهرة (التبرج المقنع) المسمى بالحجاب العصري، يحسب صويحباته أنهن خير البنات والزوجات ؛ لذا فيا صاحبة الحجاب العصري: حذار أن تصدقي أن حجابك هو الشرعي الذي يرضي ربك ، وإياك أن تنخدعي بمن يبارك عملك هذا ، ويكتمكِ النصيحة ولا تغتري فتقولي :'إني أحسن حالاً من صويحبات التبرج الصارخ' فإنه لا أسوة في الشر، فعليك أن تقتدي بأخواتك الملتزمات بالحجاب الشرعي بشروطه .
والخلاصة : أن أبواب التبرج محدودة ، ويسهل تفاديها وهي لبس القصير أو الضيق أو الرقيق أو المزين اللافت للنظر ، وعلينا أن نرسي مبدأً هاماً ، وهو أن الإسلام هو الاستسلام ، والإذعان والانقياد ، لأمر الله تعالى ، إذاً يكون موضع البحث هو التأكد من أن هذا التكليف قد ورد في كتاب الله أو في سنة رسول الله .
فهيا أختاه نعود إلى رضا الله الذي خلقنا بيده ، ونفخ فينا من روحه ، فهذا الحجاب أمر به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى : 'وما كان لمؤمن ولا مؤمنةِ إذا قضى الله ورسولُه أمراً ، أن يكون لهم الخِيَرةُ من أمرهم ، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً' الأحزاب 32 ، أي أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء ؛ فليس لأحد مخالفته ولا اختيار لأحدهم لا برأي ولا بقول . إذاًً المسألة ليست مسألة اقتناع ، بقدر ما هي مسألة إيمان وامتثال لأمر الله.
وإنا لعلى يقين من وجود الخير داخلك ، فإنك ما تقومين بمعصية الله عن قصد ، وإنما هي فطرتك في حب الظهور بمظهر الجمال والتناسق ومسايرة أقرانك ، ولكن ما دام هذا يثير الفتنة ويغضب ربك ويؤدي للإساءة إليك ؛ باعتبار التبرج قرينة تشير إلى سوء النية وخبث الطوية ، مما يعرضك لأذى الأشرار والسفهاء ، كما تقومين بتسهيل معصية الزنا بالعين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (العينان زناهما النظر) رواه مسلم ، فعليك ألا تُصِّري على ذلك. فهيا انضمي إلينا ؛ ليُكَثِّرَ بعضُنا بعضاً. واعلمي أن حجابك يَبُث الرعبَ في قلوب أعداء الإسلام.
وتحتَجُّ بعض الفتيات حين تنهاها عن التبرج أو تأمرها بالحجاب الشرعي ، أنها مقتنعة تماماً ، لكن شهوة المظهر تغلبها ، وهي لا تستطيع ضبط نفسها. وقد يبدو العذر منطقياً لدى البعض لأول وهلة ، ولكن حين تراها في شهر رمضان وقد التزمت بعض الشيء -وهو سلوك محمود ولا شك- يدل على أنها تملك القدرة على ضبط نفسها و الانتصار على شهوة المظهر.
أختاه تخيلي بعض الملتزمات في عقلك ، واسألي نفسك هذا السؤال : ألا أستطيع أن أكون واحدة من هؤلاء ؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
معاينة صفحة البيانات الشخصي للعضو